Abstract
الكيمياء علمٌ تجريبي بطبيعته، يشتغل معمليًا بالجواهر تحليلاً وتركيبًا، ويُقيم بناءاته النسقية استرشادًا بقواعد محددة تحكم إجراءات البحث التجريبي ونتائجه. وكشأن أي نشاط علمي آخر، تستلزم الممارسة الكيميائية لغة جزئية خاصة تصف بناءاتها التجريبية وتُنمّط أشكالها. وما دام التحليل والتركيب – كإجراءين تجريبيين – هما عمادا البحث الكيميائي وجوهره، فمن الضروري أن تحوي لغة الكيمياء تمثيلات صورية توصف بدورها بأنها صيغٌ أو عبارات تحليلية وتركيبية. يمكننا إذن الزعم بأن ثمة علاقة اعتماد متبادلة بين لغة الكيمياء وممارساتها المعملية؛ فاللغة تؤثر مباشرة – وبأكثر من طريقة – على مجرى البحث الكيميائي وتطوره, ومن خلالها يمكن تحديد مدى قوته أو ضعفه ... تقدمه أو تخلفه ... شرعية تنبؤاته أو افتقادها لسمة الشرعية المنطقية؛ كما أن سُبل البحث المعملي للكيمياء تنعكس بالضرورة على قواعد الصياغة الصورية لهذه اللغة ومدى إمكانية تطويرها وتنقيتها من شوائب اللغة العادية التي اشتُقت منها. ويعني ذلك – بعبارة أخرى – أن اللغة والتجريب شقان مُكملان لبعضهما البعض؛ وجهان لعملة واحدة تحمل اسم الممارسة العلمية. فهل تختلف اللغة الكيميائية عن غيرها من لغات العلم الخاصة؟ وكيف يستخدم الكيميائيون لغتهم؟ ما هي القواعد الحاكمة لهذه اللغة؟, وما هي نتائج استخدامها بالنسبة للكيمياء ككل؟