Abstract
نحن مقيمون على الإنترنت، نرسم معالم دنيانا التي نبتغيها من خلاله، ونُمارس تمثيل شخصياتٍ أبعد ما تكون عنا؛ نحقق زيفًا أحلامًا قد تكون بعيدة المنال، ويُصدق بضعنا البعض فيما نسوقه من أكاذيب ومثاليات؛ ننعم بأقوالٍ بلا أفعال، وقلوبٍ بلا عواطف، وجناتٍ بلا نعيم، وألسنة في ظلمات الأفواه المُغلقة تنطق بحركات الأصابع، وحريةٍ مُحاطة بأسيجة الوهم؛ ومن غير إنترنت سيبدو أكثر الناس قطعًا بحجمهم الطبيعي الذي لا نعرفه، او بالأحرى نعرفه ونتجاهله! لا شك أن ظهور الإنترنت واتساع نطاق استخداماته يُمثل حدثًا فريدًا متناميًا في مسيرة الإنسان الحضارية وتغيير الطريقة التي يعيش بها البشر حياتهم. ومع ذلك، لا ينطوي أي تعريف للإنترنت حتى الآن على إشارة للواقع الافتراضي، رغم تعايشنا معه وفيه بالفعل؛ فنحن نتفاعل ونتبادل المعلومات، ونشتري ونبيع، ونلعب ونضحك ونبكي، ونمارس أدق تفاصيل حياتنا عبر الإنترنت؛ وكل ما كنا نقوم به من قبل بالحركات الجسدية المكانية أوكلنا مهمة القيام به إلى عقولنا! ولعل هذا ما تفعله كلمة «ميتافيرس»، وهي كلمة استخدمها لأول مرة كاتب الخيال العلمي الأمريكي «نيل ستيفنسون» في روايته «تحطم الثلج» (1992)، للدلالة على تفاعل البشر مع بعضهم البعض ومع البرمجيات في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد مشابه للعالم الفعلي.