Coronavirus Pandemic: Philosophers in Lockdown جائحة كورونا ... فلاسفة في العُزلة

Abstract

كان يمشي في الأرض مرحًا، مُصعرًا خده للطبيعة، ومُنتشيًا برفاهيات حضاراته؛ أو يخطو فوق أديمها مهمومًا بضنك العيش، يعتصره ألم البحث عن قوت يومه، قبل أن يُفاجئه الفيروس التاجي ليقلب حياته رأسًا على عقب. إنه الإنسان، ذلك المجهول لنفسه، الجاهل بعلمه، المغرور بعقله، الضعيف بقوته، المتناقض مع ذاته، الفقير بثرواته الضخمة! فجأة باتت تعتمل بداخله مشاعر الحيرة والخوف والقلق، تؤرقه تساؤلات تسخر من عجزه الصارخ عن الإجابة عنها: ما أصل هذا الفيروس؟ هل هو نبتٌ طبيعي أم مؤامرة من بني جلدته؟ ما هو أفضل علاج لمكافحته؟ لماذا يحصد الأرواح غير مًبالٍ؟ وكيف يمكن لكائن متناه في الصغر، غير مرئي، أن يشن حربًا ضد البشر بكل هذه القوة في القرن الحادي والعشرين، ورغم كل ما تحقق من تقدمٍ علمي وطبي مذهل؟ يعجز العلم عن الإجابة، ويعجز الساسة عن التبرير، ويعجز الدعاة عن المواساة، ويعجز العائل عن حماية رعيته، وينكفئ المرء على نفسه باحثًا عن الإجابات في منطقةٍ فكرية مُهملة: الفلسفة! أجل، فتساؤلات الجائحة تُشبه كثيرًا تلك المنطقة الحدودية التي حدثنا عنها الفيلسوف الألماني «كارل ياسبرز»، والتي لا يمكن أن نتجاوزها بالطرقة العلمية والتجريبية، عندها يُواجه المرء خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستسلم لأمواج اليأس العاتية، أو يتوضأ من أنهار الحكمة التي تناساها ردحًا طويلاً من الزمن! لا شك أن ثمة نظريات عديدة عن أصل الفيروس: بعضهم يعتقد أنه مُنتج بشري تم تخليقه في المختبرات لاستخدامه كسلاح بيولوجي يُعزز الهيمنة، لكنه فرَّ من مخترعيه فأصابهم، سواء عن غير قصد، أو مع سبق الإصرار والترصد؛ وبعضهم يعتقد أنه مجرد أداة تحصنت بها الطبيعة ضد عبث الإنسان وإفساده اللامنقطع في البر والبحر ... لكن الفيروس في كل الأحوال يتحدانا بقوة، ويكشف لنا بوحشية عن مدى هشاشتنا، سواء كنا أفرادًا أو جماعات، ويدفعنا إلى إعادة تقييم لحظتنا الوجودية: مَن نحن؟ وما مكاننا في الكون؟ وهل ثمة ما يمكن أن يُهدد بقاءنا كنوعٍ في أي وقت؟! لقد أظهر لنا الفيروس مدى أهمية الحياة، ومدى غباء انخراطنا الدائم في الصراع بدلاً من البحث عن سُبلٍ للتفاهم والتعاون! وعندما ينسحب الجميع في معازلهم، سواء أكانت مختبرات ومشافي تموج بأشرس معارك العلم ضد الفيروس، أو منازل تتضخم فيها مخاوف القدرة على اجتياز الجائحة، تتحول معازل الفلاسفة إلى خلايا فكرية تبسط أشرعة المعنى والمغزى والهدف على الجميع. هذا ما نحاول تبيانه في هذا المقال؛ من عزاء الفلسفة للحيارى والقانطين والموجوعين؛ إلى حالة الطبيعة الهوبزية البادية في الأفق وشروط تجاوزها؛ إلى المعضلات الأخلاقية المنبثقة في غيابات التيه الفيروسية الجديدة؛ إلى معنى الوجود والبقاء والهوية؛ إلى العدو المُكتشف والمُنتظَر في عالم كورونا وما بعده: اللامساواة، والعبث بالاستقرار المُناخي!

Author's Profile

Salah Osman
Menoufia University, Egypt

Analytics

Added to PP
2020-05-13

Downloads
355 (#45,562)

6 months
60 (#67,167)

Historical graph of downloads since first upload
This graph includes both downloads from PhilArchive and clicks on external links on PhilPapers.
How can I increase my downloads?