Abstract

من المسلم به أن التواصل من أقدم السمات التي رافقت الإنسان منذ بدء الخليقة، وقد تمظهر في أشكال مختلفة؛ منها الحركات، والكلام، والصور، والموسيقى وغيرها. كما شكل ضرورة للوجود والتفاعل بين الناس. وبالرغم من أن الاهتمام بهذا الموضوع ودراسته يعد حديثا– نسبيا - إلا أنه سرعان ما أفرز دراسات متعددة بتعدد الميادين المعرفية الدارسة له، ومن هنا تشعبت مناهجه، وتعددت مقارباته إلى الحد الذي يجعل من الصعوبة بمكان العثور على حقل معرفي يخلو من تطبيق أحد النماذج التواصلية. ولذا فإن محاولة إيجاد تعريف دقيق لمصطلح "التواصل" ليس بالأمر الهين، وذلك بسبب طابعه الزئبقي، حيث شغل هذا المصطلح بال الباحثين في ميادين معرفية شتى منذ ما يقرب خمسين سنة؛ فقد شغل التواصل علماء اللغة والسيميائيين، وعلماء الاجتماع، وعلماء النفس وغيرهم. ويرجع هذا التنوع-على مستوى المقاربات- إلى تنوع أشكال التواصل وتعددها: فمن التواصل اللفظي المعتمد أساسا على الصوت، إلى التواصل الجسدي القائم على الحركات الإشارية، إلى التواصل الكتابي الذي يستخدم رموز اللغة، وغير ذلك من أشكال التواصل التي تستخدم قنوات أخرى للتواصل. إلا أنه بالرغم من اختلاف التعريفات، فمن الممكن تأطيرها بين نظرتين: نظرة ضيقة وأخرى أكثر شمولية، فبعض التعاريف بسيطة ومتجاوزة لأنها كما يقول "إيف ونكن"(Yves winkin) تحصر التواصل في مجموعة من الأنماط النوعية والبينية التي تمرر المعلومة" ، في حين يعرف المنظور الأكثر شمولية التواصل بأنه "مجموعة من التصرفات التي تستخدم يوما عن آخر البنى المؤسسة للمجتمع، ومجمل تحديثات الثقافة في التصرفات اليومية" . ومن التعريفات الأكثر شمولية للتواصل، تلك التي تعده عملية تساعد على نقل معنى أو رسالة من شخص إلى آخر عبر قناة معينة. وقد تكون هذه الرسالة المنقولة أو المتبادلة فكرة أو اتجاها فعليا، أو مهارة عمل، أو فلسفة معينة للحياة، أو أي شيء آخر يعتقد البعض في أهمية نقله وتوصيله إلى الآخرين، وهذا ينطبق على كثير من الحالات وفي مختلف مناحي الحياة، كحضور ندوة، أو مكالمة صديق، أو قراءة رسالة، أو تقديم درس أو غيرها. Revue Brochures Educatives مجلة كراسات تربوية (2018)