تَتَنَاوَلُ هذه الدِّراسَةُ الوظيفة التي تؤدِّيها هيرمينوطيقا ريكور، بوصفها فَلْسَفَةً للترجمة وَفَلْسَفَةً بوصفها تَرْجَمَةً. تنطلقُ من إطلالةٍ، عامة، على نظريات ريكور في ضوء تاريخ فلسفة الترجمة، وتوضح الكيفية التي اقتفى بها خطى غادامر في فهم عملية التَّرجمة، بوصفها فنًّا للتفاوض والوساطة بين الذَّات والآخر. وتَسْتَكشف الباراديغم الهيرمينوطيقي للترجمة الذي طوره ريكور في أعماله اللاحقة من خلال مظاهر ثلاثة رئيسة: لسانية، وأنطولوجية، وأخلاقية. وتنتهي الدِّراسة بمناقشة الدَّور الحاسم الذي تَلعبه التَّرجمة في مسائلِ الضّيافة والتَّعددية والصَّفح. -/- تمثّل التَّرجمة سمةً جوهريّةً ومركزيّةً (...) في فلسفة بول ريكور، وبالرغم من أنه لم يجعلها موضوعًا صريحًا في أعماله، إلا أنَّها كانت حاضرةً، بقوةٍ، في ممارساته الفلسفية. كان ريكور وسيطًا بارعًا، وشخصًا يُتْقِنُ فن التَّحكيم والتَّفاوض بين المواقف المتضاربة (=والمتباينة). لا يُضاهى بول ريكور في دبلوماسيته التَّبادلية حين يتعلق الأمر بالأفكار الفلسفية، حيث كان يجد دائمًا نقاطًا مشتركة - وإن لم يكن دائمًا يصل دائماً إلى حلٍّ نهائيٍّ - بين وجهات النَّظر المتناقضة في ظاهرها، لكن دعنا نفكر في وساطتهِ الدَّائمة والانتقال الذي قام به بين التفكير القاريّ والأنغلوسكسوني، على المستوى العام، ثم على المستوى القاري، ووساطته بين الوجودية والهيغلية؛ بين علم الاستدلال والنّقدية النظرية؛ بين علم الظواهر والعلوم الإنسانية؛ بين التحليل النفسي الفرويدي والجدليات الهيغلية؛ بين نظرية الأدب وفلسفة الدّين؛ بين الفهم التَّاريخي (Verstehen) والتَّفسير العلميِّ (Erklären)، بين علم النفس وعلم الأعصاب، بين الأخلاق والسِّياسة، وهكذا دواليك. وينبغي النَّظر، في النهاية، إلى جهوده العَديدةِ في إقحامِ التَّرجمة في إطار الهيرمينوطيقا ذاتها، بين الهيرمينوطيقا الرومانسية (المستمدةِ من شليرماخر، وديلتاي) والهيرمينوطيقا النقدية أو الهيرمينوطيقا الراديكالية (التي طورها هابرماس وديريدا على التوالي). -/- ما يُلفت النَّظر - في هذه الوساطات النَّقدية كلِّها - أنَّ ريكور لم يتوقف، إطلاقاً، عن احترام طَرفي التبادل المتَنازعين؛ إذ يحوّل ببراعة الصِّراع إلى حِوَارٍ، من دُون التَّنَازل عن عمق الاعتقاد أو دقَّة التَّقييم. وفي اعتقادي لا يضاهي ريكور من معاصريه أحدٌ في دوره الفلسفيّ كمترجم. وفي الواقع، يمكن القول إنَّ فكر ريكور يجسّد كلًّا من الفلسفة بوصفها ترجمةً وكفلسفةٍ عن التَّرجمة. وسأركز، في ما يلي، بشكل رئيس على النقطة الأخيرة. (shrink)

يصْدُرُ موسى ابن ميمون (Moïse Maïmonide) (1204 – 1138م) في مؤلّفه ''دَلَالةُ الحَائِرين'' عن رؤيةٍ نقديّةٍ؛ إذ همَّ إلى الأنظار المُكْتَسبة والتقليديّة حول التوراة، وقام بمراجعتها، محاولاً بناء معرفة منطقية عقلية لا تنفي النصّ المقدس وإنما تقرأه في ضوء نظرةٍ فلسفيةٍ ذات راهنية. وما دعاهُ إلى مثل ذلك، هو تتبع واقع النصّ المقدّس على عصره، وما آل إليه واقع التّفسير. إنّ قراءة، أبواب الكتاب وحروفه التي قسّمها إلى ثلاثة أقسام حسب ما ثقفت؛ العنصر الأول، وهو يناقش مفهوم الله الذي أشْكَلَ (...) على الفلاسفة وعلى رجال الدين، فما اتّفِقَ حوله قط، خصوصا في ما يتعلق بخصائص الذات وعلاقتها بالصّفات، مفهوم العالم وفيه مؤاخذات ومواقف كثيرة، لا يكاد يحدُّها حصرٌ، حيثُ أدْرَجَ ابن ميمون هذه المسألة بذكاء حادّ وفطنة يقظة، ليدافع عن فكرة حدوث العالم، و في الأخير مفهوم الإنسان. Maimonides, in his book “Guide for The Perplexed”, produces a critical vision. He has attributed to traditional views of the Torah and reviewed them, attempting to build a rational logical knowledge that does not deny the Torah but reads it in the light of a current philosophical view. What he called for, is to follow the reality of the Sacred texts on his time, and the reality of interpretation. Reading, the doors and letters of the book which he divided into three sections according to what I have learned; the first element, is the concept of God, which cause a problem for philosophers and theologians, what has never been agreed upon, especially with regard to the characteristics of the Godself and its relationship to qualities. the second concept is the World; many attitudes listed this question with sharp intelligence and vigilance, discussing the idea of the “Eternity World”, and at last the concept of Man. (shrink)

لا تجدُ الكتبُ المقدّسة واقعيتها إلا حينما تخرج من دائرة الكتابة والمدوّن والطقوسية المغلقة، والمغلّفة بهالة من القدسيّة التي لا يكاد المرء معها أن ينفذ إلى المعاني والمقاصد الحقيقية للنصّ، نحو أفق القراءة المتجددة، وبالتالي سنجدُ أنفسنا أمام نصّ متجدّد لا ينضب معينه. تحقّق الوعي بمسألة العلاقة بين جمود النصّ وفاعلية القراءة في ظل الجدل الذي قام بين الدينيّ والسياسيّ، لحظة حمي الصّراع حول المعنى واقتيدت المعارك تحت ألوية تأويل القرآن، ''فالدين -أيُّ دين- نصوصٌ صامتة بين دفَّتين (= كالقرآن في (...) وصفٍ شهيرٍ للإمام عليّ بن أبي طالب)، والرّجال هُمْ مَن يُنطِقون تلك النصوص على نحوٍ من الأنحاء وتبعاً للمصالح التي تحملهم على إنطاقها على هذا المقتضى أو ذاك (...) يسعُنا أن نحسب المعركة هذه -وهي ممتدة منذ فجر الإسلام- معركة تأويل. وهي كذلك، لأن النصوص ليست ناطقة بذاتها، مثلما قلنا، وإنما محمولة على معانٍ ومضامين يقرّرها المؤوِّلون. (shrink)

أَخَذَ النصُّ القرآنيُّ حيّزاً وافراً من الاهتمامِ والتّأليف، على امتدادِ القَرنِ التّاسع عَشَر وبداية القرنِ العشرين. تَقَعُ مُحَاوَلةُ الإصلاحيّةِ الإسْلاميّةِ في إعَادَةِ تَفْسِيرِ القُرْآنِ وفق شُرُوطٍ عَصْريَّةٍ، في مدارِ ما يمكنُ الاصطلاحُ عليه بـــ "التّفسير العقلاني"، وتعني العَقْلَنَةُ، في هذا المقام، إخْراجَ تَفْسِيرِ القرآنِ، وأشكالِ فهمه وتلقّيهِ، من دوائر الأسْطَرةِ التي غلّفتهُ لردحٍ طويل من الزّمنِ، حَيْثُ بلغتْ العَقْلَنَةُ ذروةَ نشاطها معَ بعضٍ من أَعْلَام الفكر الإصلاحيِّ، خاصَّةً معَ محمّد عبده. لكنّ، هذه المحاولة الإصلاحيّة، سرعان ما انكفتْ على أعقابها، وَوَلَجَتْ (...) طَريقاً ضَيِّقاً بفعلِ أزماتٍ متتاليّةٍ واجهها العربُ والمسلمون. تَسْعَى هَذِهِ الدِّرَاسَةُ إلى بَيَانِ مَدْلُولِ الإصلاحِ المتَعَلِّقِ بإعَادَةِ قراءة النّص القرآنيِّ، في مستوييه الاجتماعيّ واللّغويّ. والحديثُ عنْ هَذا الشكلِ من الإصلاح هو حديثٌ عن لحظةٍ قاومَتْ فيها قيمُ التَّنوير ضروب التّقليدِ. غير أنَّ استئناف هذا المشروعِ الإصلاحيِّ، قد أمسى من الضّروراتِ، التي لا حِوَلَ عنها من أجلِ الانتقال إلى طور الحداثة. The Qur’anic text received abundant attention and authorship throughout the nineteenth century and the beginning of the twentieth century. Islamic Reform attempt to re-interpret the Qur'an in accordance with modern conditions, in the orbit of what may be termed a "rational interpretation", we mean by "rationalization" , in this place, the results of the Qur'anic interpretations, forms understood and receives, from circles of mythologizing that wrap it up a long of time, where Reasoning reached the height of its activity with some of the reformist thinkers, especially with Mohamed Abduh. However, this attempt of reform ended in its wake, entering a narrow road due to successive crises faced by Arabs and Muslims This study seeks to clarify the meaning of reform related to re-reading the Qur’anic text, on two levels social and linguistic. The discussion about this form of reform is about a moment when the values of the Enlightenment resisted the sorts of tradition. However, the resumption of this reform project has become an indispensable necessity for the transition to modernity. (shrink)

ويروم هذا الكتاب التفكير في قضايا النصّ القرآني، منطلقا في ذلك من افتحاص الفرضيات التي قامت عليها القراءات الاستشراقية، ومن خلال بيان حدودها المعرفية والمنهجية، والوقوف عند الأبعاد الأيديولوجية التي اختلطت فيها المساعي العلمية بالرهان التبشيري، والوعي العلمي باللاوعي الثقافي. ومن جهة أخرى يحاول هذا المؤلف التفكير في أشكال تلقي النص القرآني ضمن أفق الفكر العربي المعاصر، والوقوف عند أبرز المشاريع التي اتخذت من القرآن مركز اهتمامها، وتوسلت بأساليب الدرس الحديث في التعاطي معه تأويله.