maroc المغرب ،salé سلا: CHAM'S PRINT مطبعة شمس برنت. Edited by الصديق الصادقي العماري (
2021)
Copy
BIBTEX
Abstract
تعلمنا الهيرمينوطيقا درسين على الأقل وهما فن الفهم وفن الإصغاء، أي أن نفهم الوقائع والأشياء، كما هي، وكما تحولت وتحورت في الأزمنة والأمكنة، إلى أن وصلت إلينا على هذا النحو أو ذاك، وأن نُصيخ السمع لمختلف الترددات والتواترات والتناصات التي مارستها في تاريخها الطويل، هو ما يتطلب مجهودا إحاليا يعيد تركيب قطع البوزل ، ويضع كل جزء في خانته الدلالية، لأجل تحقيق اكتمالية المعنى وبلوغ "معنى المعنى".
إن ما يهم في دراسة المجال والإنسان، وفي مستويات قيمية وتربوية رَامِزَةٍ بالأساس، ليس البحث، وحسب، عن معنى الوقائع والأشياء التي تعتمل في المجتمع، ولكن الأهم والاستراتيجي، ومن مقترب النقد المنفتح، هو البحث عن "معنى المعنى"، أي الوصول إلى "الطابق التحت أرضي" الذي يختفي عن الناظر والنظر. فهناك تقيم الأساسات التي تشيد البناء الثقافي/الرمزي لذات الوقائع والأشياء، وهناك يختفى المسكوت عنه واللامصرح به. فما يوجد وراء الكواليس وفي الأقبية المظلمة، هو الجدير بالبحث، وليس ما يعرض للعموم أمام خشبة العرض، مع الإقرار بأهمية المعروض والمعلن والمصرح به، كعتبات قرائية وتأسيسية للنقد المنفتح.
طبعا تشترك الأعمال البحثية، ومهما كان انتماؤها المعرفي، في هدفية واحدة، وهي إزاحة الغموض وإنتاج المعنى، كشفاً وبناءً، فلا بد من كشف البنيات العميقة التي تَنْوَجِدُ خلف الظاهر، وتبرر منطق الإسرار والإلغاز الذي يميز النصوص المجتمعية، وبذلك يتأتى إعمال فكرة إزاحة الغموض و"استنوار" الحجب والإظلام الذي يكتنف الوقائع والأشياء، وذلك عبر المزيد من التساؤل النقدي حول مجالات التربية والتعليم والقيم وامتداداتها المجتمعية. وهو ما تنتصر له مجلة "كراسات تربوية" بمزيد من الحرفية والإبداعية، وبتفان تام واجتهاد متواصل لمديرها الأستاذ الصديق الصادقي العماري.
إن هذا العدد الجديد من "مجلة كراسات تربوية" الذي تقترحه هيئة التحرير على القراء الأعزاء، يسير في اتجاه "التنوير المعرفي"، توكيدا لضرورة فتح "نقاشات" مستفيضة بصدد "المسألة التربوية/التعليمية"، أملا في تجاوز حالات من "الاستعصاء" و"عسر المعنى". فلا سبيل لإعادة كتابة تاريخ النسق، إلا بمجهود معرفي تتداخل فيه كافة الحقول العلمية، على درب الاستنوار والفهم والتأويل.
ثمة تعالقات خفية وعلنية بين النصوص المجتمعية التي نشتغل عليها، وهي التعالقات التي عبرنا عنها في أكثر من مناسبة بالتناص الاجتماعي، وعليه فإن العبور إلى النص المجتمعي، دينيا كان أو سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا، لا ينبغي أن يهمل هذا التعالق
Revue Brochures Éducatives. n06, septembre 2021